ألغت العديد من شركات الطيران الدولية مؤخرا الرحلات الجوية إلى بعض المطارات الأمريكية بسبب مخاوف من أن نشر تقنية الاتصالات المتنقلة 5G قد يتداخل مع معدات بعض الطائرات.
وبعد تحذيرات حول المشكلة المحتملة من رؤساء الطيران وإدارة الطيران الفدرالية، أخرت شركتا الاتصالات AT&T وVerizon تنشيط بعض أبراج 5G حول مطارات الولايات المتحدة. ولكن كيف يمكن أن تتداخل 5G مع الطائرات؟، وهل يمكن حل المشكلة؟.
وبهذا الصدد، يوضح سفيان يوسف، محاضر رئيسي ومدير مجموعة أبحاث هندسة الاتصالات في كلية العلوم والهندسة، جامعة أنجليا روسكين، ماهية العملية في تقرير مفصّل. تُنشر 5G حاليا في العديد من البلدان حول العالم، وهي الجيل الخامس من تقنية الهاتف المحمول. ويمكن أن تقدم سرعات شبكة تصل إلى 100 مرة أسرع مما جربناه مع 4G. ولضمان سرعات عالية مع أوسع تغطية ممكنة، خططت AT&T وVerizon لتوليد إنترنت 5G باستخدام ما يسمى ترددات النطاق C، وهو نوع من الترددات الراديوية (أو موجات الراديو) بين 3.7 و3.98 غيغاهيرتز (GHz). وهذه الترددات مجاورة لتلك التي تستخدمها الطائرات الحديثة لقياس الارتفاع. وجزء مهم من معدات الطائرة، يسمى مقياس الارتفاع الراديوي، يعمل على ترددات النطاق C بين 4.2-4.4 غيغاهيرتز. ويعتمد الطيارون على أجهزة تحديد الارتفاع اللاسلكية للهبوط بالطائرة بأمان، لا سيما عندما تكون الرؤية ضعيفة، على سبيل المثال، عندما تكون الجبال محاطة بالمطار أو عندما تكون الظروف ضبابية.
ويكمن القلق في أنه بسبب الفجوة الضيقة بين ترددات 5G ومقاييس الارتفاع الراديوية، يمكن أن تتسبب موجات الراديو من أبراج 5G بالقرب من المطارات في حدوث تداخل. أي أن الأشخاص الذين يستخدمون 5G على هواتفهم يمكن أن يشوهوا أو يتلفوا عن غير قصد إشارة مقياس الارتفاع اللاسلكي. وإذا حدث هذا، حتى لبضع ثوان، فقد يعني ذلك أن الطيار لا يتلقى المعلومات الصحيحة أثناء الهبوط. ولهذا السبب أبدت إدارة الطيران الفدرالية الأمريكية مخاوفها.
- إذن ما الذي يمكن عمله؟
تستخدم البلدان الأخرى التي تطرح 5G ترددات النطاق C التي تتداخل مع أو تقترب من تلك الخاصة بمقاييس الارتفاع الراديوية، دون الإبلاغ عن أي مشاكل. وعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة، ترتفع شبكة 5G إلى 4 غيغاهيرتز. ويقلل وجود عدد قليل من الجبال حول المطارات من المخاطر. وتعمل بعض الدول الأخرى على تشغيل شبكة الجيل الخامس 5G على تردد أبعد قليلا عن تردد معدات الطائرات. وفي الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، يرتفع 5G إلى 3.8 غيغاهيرتز. وقد يكون هذا خيارا جيدا لمطارات الولايات المتحدة. وسيكون الخيار الأفضل، على المدى الطويل، هو استخدام نطاق أعلى بكثير لـ 5G، مثل 24 غيغاهيرتز إلى 47 غيغاهيرتز. وفي هذه الترددات، تكون سرعات البيانات أعلى بشكل ملحوظ، على الرغم من أن منطقة التغطية لكل خلية ستكون أقل بكثير (لذلك ستحتاج إلى المزيد من الأبراج). وهناك أيضا خيار لتقليل قوة الإشارة من الأبراج حول المطارات، وهو ما أجري في فرنسا وكندا. ولا يتعلق الأمر بتغيير التردد - تُقاس قوة الإشارة بالديسيبل، وليس غيغاهيرتز - ولكن الحد من قوة الإشارة يمكن أن يقلل من احتمالية التداخل مع النطاقات المجاورة. وهناك حل آخر محتمل يتمثل في ضبط مدى تردد أجهزة تحديد الارتفاع الراديوية. ولكن هذا قد يستغرق وقتا طويلا وربما يكون مكثفا للموارد لصناعة الطيران. وفي حين أن خطر حدوث مضاعفات على متن الطائرة بسبب تداخل 5G قد يكون منخفضا للغاية، نظرا لأننا نتحدث عن سلامة الإنسان، فنحن بحاجة إلى التعامل مع أي مخاطر محتملة بجدية شديدة. ويعد التحرك لتأخير نشر هوائيات 5G بالقرب من المطارات الأمريكية خيارا جيدا، بينما تحدد السلطات المختصة الطريقة الأكثر أمانا للمضي قدما.